الإنسانُ، كلُّ إنسانٍ على وجهِ الأرضِ
مُصابٌ أو معرَّضٌ للإصابةِ
جسدياً أوّلاً، ونفسيّاً ثانياً، واجتماعياً ثالثاً
بما أصابَ الكرةَ الأرضيّة
وبني الإنسانِ منها بشكلٍ خاصّ، ممّا يُسمّى (كورونا)
بل ربّما سبقَتِ الإصابةُ النفسيّةُ الإصابةَ الجسديةَ عندَ كثيرينَ منّا، والفيروسُ لنْ يوفّرَ أحداً، إلّا مَنْ ينتبهُ ويتّبعُ التعليماتِ الصحّيّةِ الدقيقةِ
وكذلكَ صرنا نرى الأوهامَ التي شاعَتْ في كلِّ مكان
لن تزولَ هذه الحالةُ إلّا عندما نتسلّحُ بالعلمِ والموضوعيّةِ
إنّ الحربَ على الفيروس يجبُ أن تكونَ من كلِّ إنسان
كلٌّ على حسبِ اختصاصِهِ ومكانِه
وأغلبُنا يجبُ أن يتّبعَ خطواتِ السلامةِ
بأن نسلّمَ للمختصّينَ القيادةَ
والمختصّونَ اليومَ هم الأطبّاءُ وخبراءُ الصحّةِ وحدَهم لا غير
لا بدّ من التوكّلِ على اللهِ في كلّ شيء
ثمّ إعطاءِ العلمِ والروحِ الموضوعيّةِ دورَهما
لقد آنَ للعلمِ وللإنسانيّةِ أن يجتمعا، بعد أن افترقا طويلاً
بسببِ روحِ الهيمنةِ التي سيطرَتْ على القويّ
وروحِ السعيِ إلى القوّةِ التي سيطرَتْ على الضعيف
وكلٌّ منهمْ وضعَ سياساتٍ مخالفةً للإنسانيّة
بل قد وضعوا سياساتٍ تهدّدُ الإنسانيّةَ جميعاً
فماذا نحنُ فاعلونَ؟
ماذا يفعلُ الإنسانُ عموماً إذا واجهَهُ كائنٌ يكادُ يكونُ لا مرئيّاً من غيرِ بني جنسِهِ؟ هل نعودُ إلى الرشدِ؟
ونعلي رايةَ العلمِ المتّحدِ مع الأخلاقِ الفاضلةِ؟
هذا ما يجبُ أن يكونَ عليهِ العالَم بعدَ (كورونا)
فهل نفهمُ هذهِ العلاقةَ البسيطةَ؟
علينا أن نفهمَها، ثمّ نعلّمها للأجيالِ القادمةِ التي تعيشُ بيننا
والتي تقفُ اليومَ مذهولةً ممّا يحدثُ، ممّا يصدرُ من القوانينَ، من القراراتٍ، من الحجرِ الصحّيِّ القاسي في البيوتِ
وأغلبُنا ليسَ عندَهُ الإجاباتُ المقنعةُ والكافية
لنقنعَهم بالتقيّدِ بالتعليماتِ
لأنّ السياسيينَ على مدى أكثرَ مِنْ نصفِ قرنٍ في العالَم
قد صرفوا على الجانبِ التافهِ من الإعلامِ
مئات الأضعافِ ممّا صرفوه على الإعلام الهادفِ
وتبيّن أنّ العالَم كلّه بحاجةٍ إلى إعلامٍ هادفٍ، إعلامٍ واعٍ
لقد تبيّنَ أنّ الوعيَ الصّحّيَّ اليومَ يقتصرُ على الأطبّاءِ والعاملينِ في المجالِ الصّحّيِّ وحدَهم
وباقي الناسِ يعرفونَ عن أنديةِ كرةِ القدمِ مثلاً
أضعاف ما يعرفونَهُ عن صيانةِ الجهازِ المناعيِّ في أجسادِهم
لقد ثبتَ بما لا يدعُ مجالاً للشكِّ
أنّ الأبحاثَ الطبّيّةَ وحدَها لا تكفي
لا بدَّ من ثقافةٍ طبيةٍ شاملةٍ لكلِّ بني الإنسانِ
لأنّ الأبحاثَ الطبّيّةَ تقدّمُ الدواءَ جاهزاً
أو أساليبَ العلاجِ كما يعرفها المختصُّ فقط
أمّا الإنسانُ العاديُّ
فقد تبيّنَ أنّهُ يجهلُ كلَّ شيءٍ تقريباً
ليتنا نفهمُ اليومَ قبلَ الغدِ أنّ البشريّةَ بحاجةٍ إلى تثقيفٍ شاملٍ
في شتّى مجالاتِ الحياةِ
فالشهاداتُ التي تُعطى في العالَمِ ما هي إلّا أوراقٌ بلا رصيدٍ يُذكرُ
هناك أولويّاتٌ:
صحّةُ الإنسانِ النفسيّةُ أوّلًا
ثمّ البدنيّةُ ثانياً
ثمّ الاجتماعيّةُ ثالثاً
هي الأهمُّ
وهي التي يجبُ أن تشتغلَ عليها أساليبُ التربيةِ في المستقبلِ
يا ليتَنا نفهمُها اليومَ قبلَ الغدِ، ونعملُ عليها كي يرتقيَ الإنسانُ، كلُّ إنسانٍ
بقلم الكاتب و الأديب : محمد بن يوسف كرزون