بسم الله نحمده و نستعين به و نستغفره و نعوذ بالله مما فرطنا في فضله و نعمه علينا , إذ هدانا إلى الإسلام و علمنا مكامنَ الخير و الشر و هدانا إلى سبيله , و الصلاة و السلام على نبيه محمد صلى الله عليه و سلم .
أما بعد :
فإن من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى الصدقة على الفقراء والمحتاجين و خصوصا في شهر الصوم و البركة شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا و عليكم و على الأمـة بالخير و البركة و الأمن و السكينة , و الصدقة دليل على صحة إيمان العبد بربه , ويقينه بأن الرزق بيد الله تعالى وحده , قال الله تعالى في محكم تنزيله :
” قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ .. (24) سورة سبأ.
فالمال ميالٌ بالقلوب وحاجبها عن رؤية ما ينتظرها من جزاء , وحاجبها عن رؤية ما لله تعالى من نعم تستوجب الشكر , و عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“فِي ابن ادَمَ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِئَهِ سُلاَمَى , أوْ عَظْمٌ , أوْ مِفْصَلٌ , عَلَى كُلِّ واحِدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَة , كُلُّ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ صَدَقَةٌ , وَعَوْنُ الرَّجُلِ أخَاهُ صَدَقَةٌ , وَالشَّرْبَةُ مِنَ الْماءِ يَسقِيهَا صَدَقَةٌ , وَإِمَاطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.
أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) 422.
و اعلم أخي القارئ أن العاقلَ هو من ينافس في حب الخير , وفي التصدق على المحتاجين , عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا :
عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :
«لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَينِ ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الْقُرآن فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاء اللَّيلِ وَآنَاء النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقهُ آناء اللَّيلِ وَآناء النَّهَار». ابن حبان ( 3323 ) تعليق الألباني أنه صحيح .
إن ما سبق و قراته أخي الكريم إنما هو أمر من الله و رسوله لكل ذي إيمان و سعة و محبة للجزاء و الفوز بالجنـة ناهيك عن ما للصدقة من الأفضال على العبد في الدنيا قبل الآخرة , فهي تمنعُ البلاء كما انها سبب لحدوث البركة و زيادة الرزق , كما انها تدفع بفضل الله غضبَ الرب و تدرء ميتة السوء .
سأختم موضوعنا لهذا اليوم بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
كلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ ، حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ قَالَ : حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ.
فيوم القيامة حينما تدنوا الشمس من رؤوس الخلائق ويلجمهم العرق إلجاما تأتي الصدقة وتظلل صاحبها فالجزاء من جنس العمل فكما أنه أظل الفقير من هجير الحياة بصدقته وأخرج له أحب الأشياء إلى نفسه فان الله تعالى يكافئه بمثل فعله .
و أخيرا أعانني الله و إياكم على حبه و طاعته و أن نكون من أهل الصدقات و حب الخـير .